لطالما عمل التمويل التجاري في المملكة العربية السعودية يتم وفق شروط صارمة. فالوصول إلى السيولة التشغيلية كان مقتصراً لفئات محددة: من لديهم تاريخ مالي طويل، أو ضمانات، أو علاقات مع البنوك. لكن مع التحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة ضمن رؤية 2030، ظهر جيل جديد من رواد الأعمال -من موزعي السلع الاستهلاكية السريعة إلى تجارمستلزمات المكاتب- يطالبون بنموذج تمويلي أسرع وأكثر شمولًا، نموذج يتحرك بسرعةالتجارة، لا بوتيرة الإجراءات الورقية.
هنا يأتي دور نموذج اشترِ الآن وادفع لاحقًا للأعمال، وهو نموذج يعيد تعريف طريقة حصول الشركات على التمويل قصير الأجل. وعلى الرغم من أن المفهوم ليس جديدًا عالميًا، إلا أن طريقة تطبيقه في السعودية تُعدتحولًا جذريًا.
في صميم هذا التحول تقف شركة عاجل، وهي شركة سعودية بدأت بتقديم خدماتها لقطاع الإنشاءات، وتعمل اليوم على توسيع نطاق حلول اشتر الآن وأدفع لاحقًا الخاصة بها، لتخدم مختلف القطاعات الاقتصادية.
تاريخ التمركز
تهيمنا لشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) على القطاع الخاص في المملكة. وهذه الشركات تشكّل عنصرًا أساسيًا في أهداف التنويع الاقتصادي، ورغم ذلك، فقد كانت فرصها في الحصول على ائتمان سريع ومرن محدودة تاريخيًا.
تقليديًا، يتركز الإقراض في السعودية على طرفين: الشركات الكبرى والمشاريع المرتبطة بالحكومة من جهة، والمستهلكين الأفراد من جهة أخرى. أما الشركات الصغيرة والمتوسطة خاصة في القطاعات سريعة التداول مثل السلع الاستهلاكية، وتموين الضيافة، والتجارة بالجملة، فغالبًا ما كانت مستبعدة.
في حين تميل البنوك إلى تفضيل القروض طويلة الأجل ذات معايير الائتمان الصارمة، بينما معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة بحاجة إلى سيولة قصيرة الأجل لشراء البضائع، أوتنفيذ طلبات عملاء كبار، أو شراء بالجملة من الموردين. كثيرًا ما تكون الفرصة التجارية موجودة، لكن رأس المال التشغيلي مفقود.
لماذا اشتر الآن وأدفع لاحقًا أكثر من مجرد وسيلة دفع
غالبًا ما يُساء فهم اشترِ الآن وأدفع لاحقًا على أنه أداة موجهة للمستهلكين فقط، حيث يرتبط عالميًا بمنصات البيع بالتجزئة والتقسيط عبر الإنترنت. لكن في السياق التجاري (B2B)، اشتر الآن وأدفع لاحقًا هو شكل من أشكال التمويل التجاري المدمج،يتيح للشركات أن:
· تشتري المواد أو البضائع فورًا
· الدفع خلال فترة محددة (عادة من 30إلى 180 يومًا)
· المحافظة على التدفق النقدي مع ضماناستمرار العمليات.
بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاعات ذات الأرباح المحدودة أو التي تعتمد على المواسم، فإن هذا النموذج ليس مجرد ميزة إضافية، بل هو عنصر أساسي للاستمرارية.
وعلى عكس برامج التمويل التقليدية، فإن اشترِ الآن وأدفع لاحقًا قائم على المعاملات، ومضمن في عمليات الشراء، وسريع التنفيذ. لا حاجة لإجراءات تقديم طويلة، ولا حسابات فوائد معقدة، وفي كثير من الحالات، لا يُطلب تقديم بيانات مالية. إنه نموذج ائتماني أعيد تصميمه ليتماشى مع وتيرة الأعمال الحديثة.
فرص النمو في مختلف القطاعات داخل المملكة
مع توسع "عاجل" في تقديم اشترِ الآن وأدفع لاحقًا، فإن الهدف ليس فقط رقمنة التمويل، بل تعميمه على مختلف القطاعات. كثير من هذه القطاعات لطالما اعتمدت علىشروط مورّدين غير رسمية، أو اتفاقيات شفهية، أو مجازفات تمويلية للحفاظ على تدفق المخزون.
أمثلة واقعية تشمل:
· موزعي السلع الاستهلاكية وتموين الأغذية الذين يديرون مدفوعات متعددة أسبوعيًا.
· موزعي منتجات النظافة الذين يحتاجون لتخزين كميات كبيرة قبل التوريد لعقود حكومية.
· تجّار الجملة في اللوازم المكتبية والقرطاسية الذين يزوّدون المدارس والجهات الحكومية ضمن جداول دفع ثابتة.
· موردي مستحضرات التجميل والصالونات الذين يتعاملون مع التقلبات الموسمية في الطلب.
فيجميع هذه القطاعات، لا تنشأ فجوات السيولة بسبب ضعف أداء الشركات، بل نتيجة لجمودالبنية المالية وعدم ملاءمتها لاحتياجات السوق المتغيرة. هنا يأتي دور حلول اشترِ الآن والدفع لاحقًا كجسر يُسهم في سد هذه الفجوات، ويمكّن الشركات من تلبية الطلبدون الضغط على احتياطياتها النقدية أو تجاوز قدراتها المالية.
نموذج عاجل: من المواد إلى الحركة
دخلت"عاجل" السوق من بوابة قطاع الإنشاءات، أحد أكثر القطاعات تحديًا من حيث الوصول إلى التمويل. غالبًا ما كان المقاولون والموردون الفرعيون يواجهون تأخيرًا في الدفعات وتكاليف مواد مقدّمة. ساعدت منصة اشتر الآن وأدفع لاحقًا الخاصةبـ"عاجل" على تمويل مشتريات مثل الحديد والإسمنت واللوازم الكهربائية، مع أوقات موافقة تقاس بالساعات، لا الأسابيع.
لكن الرؤية كانت دومًا أوسع.
ماذا لو تمكّنت كل شركة في السعودية، من تاجر جملة للمواد الغذائية في جدة إلى موزعمواد تنظيف في الخبر، من الوصول الفوري إلى تمويل متوافق مع الشريعة الإسلامية لتخزين بضائعها أو توصيل الطلبات أو التوسع؟
اليوم، تحقق "عاجل" ذلك. فبنيتها التحتية الآن تدعم اشتر الآن وأدفع لاحقًا عبر مختلف القطاعات، مع حدود تمويلية تصل إلى 2 مليون ريال سعودي، وأدوات ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي للفحص، وخطط سداد مرنة.
والأهم من ذلك، أن هذا النموذج غير مرتبط بتاجر معيّن؛ إذ يحصل المورّدون على مستحقاتهم مقدمًا، بينما يُمنح المشترون فترة سداد مرنة. إنه نموذج يحقق مكاسب متبادلة للمنظومة التجارية، حيث يُسهم في تسريع حركة التجارة دون زيادة في مخاطر الطرفالآخر.
نحو اقتصاد يعتمد على حلول اشتر الآن وأدفع لاحقًا
تمر المملكة بواحدة من أسرع التحولات الرقمية والاقتصادية في المنطقة. ومع تركيز رؤية2030 على التنويع، ونمو الشركات الصغيرة، والشمول المالي، أصبحت الحاجة الى نظام تمويلي متطور أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
اشترِ الآن وأدفع لاحقًا ليس توجهًا عابرًا. في السياق الأعمال، هو ركيزة لسرعة الاقتصاد. يُمكّن من الشراء الأسرع، وسلاسل التوريد الأقوى، وتوازن أفضل فيالمخزون، وهي عناصر حيوية في اقتصاد يقوده قطاع الشركات الصغيرة
ومع توسع "عاجل" في تقديم اشتر الآن وأدفع لاحقًا عبر القطاعات، فهي لا تحل مشكلة التمويل فقط، بل تمكّن اقتصادًا جديدًا: اقتصاد لا تؤجَّل فيه الفرص بسبب نقص السيولة.
لأن في الاقتصاد السعودي الجديد، الحصول على التمويل لابد أن يسابق سرعة الأعمال.